فَوَجَدَ كَبِيرُهُمْ مَرَارَتَهُ فَتَرَكَ شُرْبَهُ وَنَهَى عَنْ سَقْيِهِ لِلْبَاقِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ الرَّأْفَةُ لِكَوْنِ أَحَدِ الزَّانِيَيْنِ مَحْبُوبًا لَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِصُورَتِهِ وَجِمَالِهِ بِعِشْقِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لِقُرَابَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ لِمَوَدَّةِ أَوْ لِإِحْسَانِهِ إلَيْهِ أَوْ لِمَا يَرْجُو مِنْهُ مِنْ الدُّنْيَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ لِمَا فِي الْعَذَابِ مِنْ الْأَلَمِ الَّذِي يُوجِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ. وَيَتَأَوَّلُ: {إنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ} وَيَقُولُ الْأَحْمَقُ: {الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ ذَلِكَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بَلْ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ} فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُبْغِضًا لِلْفَوَاحِشِ كَارِهًا لَهَا وَلِأَهْلِهَا وَلَا يَغْضَبُ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا وَسَمَاعِهَا لَمْ يَكُنْ مُرِيدًا لِلْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا فَيُبْقَى الْعَذَابُ عَلَيْهَا يُوجِبُ أَلَمَ قَلْبِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} الْآيَةُ. فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ هُوَ طَاعَتُهُ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ الْمَبْنِيَّ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا؛ فَإِنَّ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ مَا لَمْ تَكُنْ مُضَيِّعَةً لِدِينِ اللَّهِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ} وَقَالَ: {لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ} وَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute