للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يَتُوبَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحْدُودًا بِقَدَرِ وَلَا صِفَةٍ إلَّا مَا يَكُونُ زَاجِرًا لَهُ دَاعِيًا إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ وَقَدْ عَلَّقَهُ تَعَالَى عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ: التَّوْبَةُ وَالْإِصْلَاحُ. فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْإِعْرَاضِ مَوْجُودًا فَيُؤْذَى وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ الْإِيذَاءِ لِلَّذَيْنِ يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَةَ مِنَّا وَدَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَذَى فِي حَقِّ مَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ فَأَمَّا مَنْ تَابَ بِتَرْكِ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَلَمْ يَصْلُحْ فَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ صَلَاحُ الْعَمَلِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَهَذِهِ تُشْبِهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} إلَى قَوْلِهِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ ثُمَّ عَلَّقَ تَخْلِيَةَ سَبِيلِهِمْ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: وَهُوَ إقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ مَعَ أَنَّهُمْ إذَا تَكَلَّمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ ثُمَّ إنْ صَلَّوْا وَزَكَّوْا وَإِلَّا عُوقِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ فِي التَّوْبَةِ شَرَعَ الْكَفَّ عَنْ أَذَاهُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِ مَوْقُوفًا عَلَى التَّمَامِ وَكَذَلِكَ التَّائِبُ مِنْ الْفَاحِشَةِ يَشْرَعُ الْكَفُّ عَنْ أَذَاهُ إلَى أَنْ يَصْلُحَ فَإِنْ أَصْلَحَ وَجَبَ الْإِعْرَاضُ عَنْ أَذَاهُ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَمْ يَجِبْ الْكَفُّ عَنْ أَذَاهُ بَلْ يَجُوزُ أَوْ يَجِبُ أَذَاهُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى التَّعْزِيرِ بِالْأَذَى وَالْأَذَى وَإِنْ كَانَ