مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُكَاشَفَاتِ وَالتَّأْثِيرَاتِ سَوَاءٌ كَانَ هَؤُلَاءِ مُؤْمِنِينَ أَوْ كُفَّارًا مِثْلَ الْأَعْوَرِ الدَّجَّالِ وَنَحْوَهُ. فَإِنَّهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ يَقُومُ فِي الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ مِنْ آثَارِ الرُّبُوبِيَّةِ وَأَحْكَامِ الْقُدْرَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَقُومُ بِغَيْرِهِ كَمَا يَقُومُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ آثَارِ الْأُلُوهِيَّةِ وَأَحْكَامِ الشَّرْعِ أَكْثَرَ مِمَّا يَقُومُ بِغَيْرِهِ؛ وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْقِسْمَانِ فِي عَبْدٍ كَمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ: مِثْلُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ وَغَيْرِهِمَا. فَهَذَا الْقِسْمُ وَحْدَهُ كَافٍ فِي أَحْكَامِ الْكَلِمَاتِ الْكَوْنِيَّةِ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي أَحْكَامِ الْكَلِمَاتِ الدِّينِيَّةِ؛ فَإِنَّ الْحَوَادِثَ إنَّمَا تَكُونُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ وَيَعُوذُ وَيَأْمُرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهَا بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ. فَالْكَلِمَاتُ الَّتِي بِهَا كَوَّنَ اللَّهُ الْكَائِنَاتِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ؛ فَمَا مِنْ مُلْكٍ وَلَا سُلْطَانٍ وَلَا مَالٍ وَلَا جَمَالٍ وَلَا عِلْمٍ وَلَا حَالٍ وَلَا كَشْفٍ وَلَا تَصَرُّفٍ إلَّا وَهُوَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ وَلَكِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ مَأْمُورٌ بِهِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ لِلَّهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بَلْ مُبَاحٌ أَوْ عَفُوٌّ. وَإِذَا كَانَ وَاقِعًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَكَلِمَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى اللَّهِ مِنْ جِهَةِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ. فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمُشَابَهَةِ مَا أَوْجَبَ أَنَّ أَقْوَامًا غَلِطُوا فِي أَمْرِ اللَّهِ فَجَعَلُوهُ فِي الْقِسْمَيْنِ وَاحِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute