للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَكُونُ بِاللِّسَانِ مِنْ الْقَوْلِ وَأَمَّا مَا يَكُونُ مِنْ الْفِعْلِ بِالْجَوَارِحِ فَكُلُّ عَمَلٍ يَتَضَمَّنُ مَحَبَّةَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا دَاخِلٌ فِي هَذَا؛ بَلْ يَكُونُ عَذَابُهُ أَشَدُّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى مُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ قَدْ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ؟ بَلْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ مِنْ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَالْقَذْفِ بِهَا وَإِشَاعَتِهَا فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ حُشِرَ مَعَهُمْ كَمَا حُشِرَتْ امْرَأَةُ لُوطٍ مَعَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ تَعْمَلُ فَاحِشَةَ اللِّوَاطِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ مِنْ الْمَرْأَةِ لَكِنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ فِعْلَهُمْ عَمَّهَا الْعَذَابُ مَعَهُمْ. فَمِنْ هَذَا الْبَابِ قِيلَ: مَنْ أَعَانَ عَلَى الْفَاحِشَةِ وَإِشَاعَتِهَا مِثْلُ الْقُوَّادِ الَّذِي يَقُودُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ إلَى الْفَاحِشَةِ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ رِيَاسَةٍ أَوْ سُحْتٍ يَأْكُلُهُ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ الَّتِي تُنْفِقُ بِذَلِكَ: مِثْلَ الْمُغَنِّينَ وشربة الْخَمْرِ وَضُمَّانِ الْجِهَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ دَفْعِ مَنْ يُنْكِرُهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ قَلِيلَةً خَفِيفَةً خَفِيَّةً وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَا يَدْعُو إلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَيَنْهَى عَنْ طَاعَتِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَيْ أَنَّ مَا فِيهَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ.