وَإِنْ كَانَ يُعَاقَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ الْحَدِّ وَقَدْ اُعْتُبِرَ نِصَابُ حَدِّ الزِّنَا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. وَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ صِفَاتُهُمْ فَلَا يُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى مُسْلِمٍ إلَّا بِشَهَادَةِ مُسْلِمِينَ لَكِنْ يُقَالُ: لَمْ يُقَيِّدْهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا عُدُولًا مَرْضِيِّينَ كَمَا قَيَّدَهُمْ فِي آيَةِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وَقَالَ فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ فِي آيَةِ الرَّجْعَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} فَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ نَحْمِلَ الشَّهَادَةَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَالرِّضَا وَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُمْتَثِلُونَ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} الْآيَةُ. وَفِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} فَهُمْ يَقُومُونَ بِالشَّهَادَةِ بِالْقِسْطِ لِلَّهِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الَّذِي اسْتَشْهَدَهُ. " الْوَجْهُ الثَّانِي " أَنَّ كَوْنَ شَهَادَتِهِمْ مَقْبُولَةً مَسْمُوعَةً لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالرِّضَى. فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي الْقَبُولِ وَالْأَدَاءِ وَقَدْ نَهَى سُبْحَانَهُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ بِقَوْلِهِ: {إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَةُ لَكِنَّ هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْفَاسِقَ الْوَاحِدَ يَجِبُ التَّبَيُّنُ فِي خَبَرِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute