للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ النَّمَاءَ وَالزِّيَادَةَ كَالزَّرْعِ وَإِنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ قَدْ تَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا تَنَظَّفَ مِمَّا يُفْسِدُهُ زَكَا وَنَمَا وَصَلَحَ وَزَادَ فِي نَفْسِهِ كَالزَّرْعِ يُنْفَى مِنْ الدَّغَلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} وَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} وَقَالَ: {فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} فَإِنَّ الرُّجُوعَ عَمَلٌ صَالِحٌ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ زَكَاةً وَطَهَارَةً وَقَالَ: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} فَإِنَّ ذَلِكَ مُجَانَبَةٌ لِأَسْبَابِ الرِّيبَةِ؛ وَذَلِكَ مِنْ نَوْعِ مُجَانَبَةِ الذُّنُوبِ وَالْبُعْدِ عَنْهَا وَمُبَاعَدَتِهَا فَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ أَطْهَرُ لِقُلُوبِ الطَّائِفَتَيْنِ. وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} فَالْغَضُّ مِنْ الْبَصَرِ وَحِفْظُ الْفَرْجِ يَتَضَمَّنُ الْبُعْدَ عَنْ نَجَاسَةِ الذُّنُوبِ وَيَتَضَمَّنُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ الَّتِي يَزْكُو بِهَا الْإِنْسَانُ وَهُوَ أَزْكَى وَالزَّكَاةُ تَتَضَمَّنُ الطَّهَارَةَ؛ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى تَرْكِ السَّيِّئَاتِ وَمَعْنَى فِعْلِ الْحَسَنَاتِ وَلِهَذَا تُفَسَّرُ تَارَةً بِالطَّهَارَةِ وَتَارَةً بِالزِّيَادَةِ وَالنَّمَاءِ وَمَعْنَاهَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ قَرَنَ الطَّهَارَةَ مَعَهَا فِي الذِّكْرِ مِثْلَ قَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فَالصَّدَقَةُ تُوجِبُ الطَّهَارَةَ مِنْ الذُّنُوبِ وَتُوجِبُ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ كَمَا أَنَّ الْغَضَّ مِنْ الْبَصَرِ وَحِفْظَ الْفَرْجِ هُوَ أَزْكَى لَهُمْ