سُبْحَانَهُ أَنَّهُ جَعَلَ عُقُوبَاتِ الْمُعْتَدِينَ آيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ} ثُمَّ قَرَأَ: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ بِمَا عَاقَبَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْفَوَاحِشِ كَانَ مِنْ الْمُتَوَسِّمِينَ. وَأَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ اللُّوطِيَّةِ أَنَّهُ طَمَسَ أَبْصَارَهُمْ فَكَانَتْ عُقُوبَةُ أَهْلِ الْفَوَاحِشِ طَمْسَ الْأَبْصَارِ كَمَا قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَشُوهِدَ مِنْهُمْ. وَكَانَ ثَوَابُ الْمُعْتَبِرِينَ بِهِمْ التَّارِكِينَ لِأَفْعَالِهِمْ إعْطَاءَ الْأَنْوَارِ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِذِكْرِ آيَةِ النُّورِ عَقِيبَ غَضِّ الْأَبْصَارِ. وَأَمَّا الْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ لِمَنْ اتَّقَاهُ وَخَالَفَ هَوَاهُ فَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعْرُوفٌ كَمَا جَاءَ {إنَّ الَّذِي يَتْرُكُ هَوَاهُ يَفْرُقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ} وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصَّرْعَةِ إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ} وَفِي رِوَايَةٍ: {أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمِ يَخْذِفُونَ حَجَرًا فَقَالَ: لَيْسَ الشِّدَّةُ فِي هَذَا وَإِنَّمَا الشِّدَّةُ فِي أَنْ يَمْتَلِئَ أَحَدُكُمْ غَيْظًا ثُمَّ يَكْظِمُهُ لِلَّهِ} أَوْ كَمَا قَالَ. وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَضَبِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لِبَنِي آدَمَ كَثِيرًا وَيَظْهَرُ لِلنَّاسِ. وَسُلْطَانُ الشَّهْوَةِ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ مَسْتُورًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَشَيْطَانُهَا خَافٍ وَيُمْكِنُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الِاعْتِيَاضُ بِالْحَلَالِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute