للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَتَّى يَقُولَ أَحَدُهُمْ: مَنْ عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يُفْلِحُ أَبَدًا وَلَا يَرْجُونَ لَهُ قَبُولَ تَوْبَةٍ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مِنَّا كَذَا وَمِنَّا كَذَا وَالْمَعْفُوجُ لَيْسَ مِنَّا وَيَقُولُونَ: إنَّ هَذَا لَا يَعُودُ صَالِحًا وَلَوْ تَابَ مَعَ كَوْنِهِ مُسْلِمًا مُقِرًّا بِتَحْرِيمِ مَا فَعَلَ. وَيُدْخِلُونَ فِي ذَلِكَ مَنْ اُسْتُكْرِهَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْفَوَاحِشِ وَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ لِهَذَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مَا سَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ هَذَا وَاسْتَكْرَهَهُ كَمَا يُفْعَلُ بِكَثِيرِ مِنْ الْمَمَالِيكِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَكَمَا يُفْعَلُ بِأُجَرَاءِ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَكَذَلِكَ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ صِبْيَانِ الْكَتَاتِيبِ وَغَيْرِهِمْ وَنَسُوا قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَعْلَمُونَ صُورَةَ التَّوْبَةِ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا حَالًا وَعَمَلًا لِأَحَدِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ اعْتِقَادًا فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ؛ فَإِنَّ الْقُنُوطَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَالُهُمْ مُقَابِلٌ لِحَالِ مُسْتَحِلِّي الْفَوَاحِشِ؛ فَإِنَّ هَذَا أَمِنَ مَكْرَ اللَّهِ بِأَهْلِهَا وَذَاكَ قَنَّطَ أَهْلَهَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ وَالْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ هُوَ الَّذِي لَا يُؤَيِّسُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَا يُجَرِّئُهُمْ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ. وَهَذَا فِي أَصْلِ الذُّنُوبِ الْإِرَادِيَّةِ نَظِيرُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ