للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْكِتَابُ؛ فَالِاعْتِقَادُ وَالْخَبَرُ وَالْكِتَابَةُ أُمُورٌ تَابِعَةٌ لِلشَّيْءِ فَإِنْ كَانَتْ مُطَابِقَةً مُوَافِقَةً كَانَتْ حَقًّا وَإِلَّا كَانَتْ بَاطِلًا فَإِذَا أَخْبَرْنَا عَنْ الْحَقِّ الْمَوْجُودِ أَنَّهُ حَقٌّ مَوْجُودٌ وَعَنْ الْبَاطِلِ الْمَعْدُومِ أَنَّهُ بَاطِلٌ مَعْدُومٌ: كَانَ الْخَبَرُ وَالِاعْتِقَادُ حَقًّا؛ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ كَانَ بَاطِلًا؛ وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ وَالِاعْتِقَادُ أَمْرًا مَوْجُودًا. فَكَوْنُهُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ. وَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقٌّ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مَوْجُودًا إلَّا بِقَرِينَةٍ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ. وَهَكَذَا الْعَمَلُ وَالْقَصْدُ وَالْأَمْرُ إنَّمَا هُوَ حَقٌّ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ الْمَقْصُودَةِ فَإِنْ حَصَلَتْ وَكَانَتْ نَافِعَةً: كَانَ حَقًّا وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ أَوْ حَصَلَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ: كَانَ بَاطِلًا. وَبِهَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ يَصِيرُ فِي الْوُجُودِ مَا هُوَ مِنْ الْبَاطِلِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ مَعَ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ عَقْلِ وَذَوْقِ وَكَشْفِ خِلَافِ زَعْمِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الضَّالَّةِ الْمُضِلَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} .