يُقَالُ: لَا بَاطِلَ فِي الْوُجُودِ؟ ثُمَّ يَجْعَلُ هَذَا ذَرِيعَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْجُودَ الَّذِي فِيهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ هُوَ عَيْنُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَقِّ الْخَالِقِ وَالْحَقِّ الْمَخْلُوقِ؟ فَتَدَبَّرْ كَيْفَ اشْتَمَلَ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْبَاطِلَتَيْنِ؟ وَكَيْفَ اسْتَزَلُّوا عُقُولَ الضُّعَفَاءِ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ؟ وَقَالُوا: قَوْلُهُ " أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ " وَالْبَاطِلُ هُوَ الْمَعْدُومُ فَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَعْدُومٌ وَالْمَوْجُودُ لَيْسَ بِمَعْدُومِ. فَالْمَوْجُودُ لَيْسَ فِيهِ سَوِيٌّ وَإِنَّمَا السَّوِيُّ هُوَ الْعَدَمُ. فَإِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْبَاطِلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُمْ: إنَّ الْبَاطِلَ هُوَ الْمَعْدُومُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَعْدُومُ بَاطِلٌ وَلَيْسَ كُلُّ مَوْجُودٍ بَاطِلًا بَلْ فِي الْمَوْجُودِ مَا هُوَ حَقٌّ وَفِيهِ مَا هُوَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ: وَهُوَ الْأَعْمَالُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَالْأَخْبَارُ الَّتِي لَيْسَتْ بِصِدْقِ وَمَا يَنْدَرِجُ فِي هَذَيْنِ مِنْ الْمَقَاصِدِ وَالْعَقَائِدِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ لَا بَاطِلَ إلَّا الْمَعْدُومُ لَكَانَ الْمَوْجُودُ حَقًّا وَكُلٌّ مَوْجُودٌ. فَقَدْ يُسَمَّى حَقًّا مَعَ الْقَرِينَةِ الْمُفَسِّرَةِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لِانْتِفَاءِ حَقِيقَتِهِ الَّتِي بِهَا جَازَ إطْلَاقُ الْحَقِّ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْحَقَّ حَقَّانِ: حَقٌّ خَالِقٌ وَحَقٌّ مَخْلُوقٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute