للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَبْدُ مِنْ الْحَرَامِ هُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الرِّزْقِ فَالْكُفَّارُ قَدْ يُرْزَقُونَ بِأَسْبَابِ مُحَرَّمَةٍ وَيُرْزَقُونَ رِزْقًا حَسَنًا وَقَدْ لَا يُرْزَقُونَ إلَّا بِتَكَلُّفِ وَأَهْلُ التَّقْوَى يَرْزُقُهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ وَلَا يَكُونُ رِزْقُهُمْ بِأَسْبَابِ مُحَرَّمَةٍ وَلَا يَكُونُ خَبِيثًا وَالتَّقِيُّ لَا يُحْرَمُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الرِّزْقِ وَإِنَّمَا يُحْمَى مِنْ فُضُولِ الدُّنْيَا رَحْمَةً بِهِ وَإِحْسَانًا إلَيْهِ؛ فَإِنَّ تَوْسِيعَ الرِّزْقِ قَدْ يَكُونُ مَضَرَّةً عَلَى صَاحِبِهِ وَتَقْدِيرَهُ يَكُونُ رَحْمَةً لِصَاحِبِهِ. قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} {وَأَمَّا إذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} {كُلًّا} أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ يَكُونُ مُكْرَمًا وَلَا كُلُّ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ يَكُونُ مُهَانًا؛ بَلْ قَدْ يُوَسَّعُ عَلَيْهِ رِزْقُهُ إمْلَاءً وَاسْتِدْرَاجًا وَقَدْ يُقَدَّرُ عَلَيْهِ رِزْقُهُ حِمَايَةً وَصِيَانَةً لَهُ وَضِيقُ الرِّزْقِ عَلَى عَبْدٍ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ قَدْ يَكُونُ لِمَا لَهُ مِنْ ذُنُوبٍ وَخَطَايَا كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} . وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَالِاسْتِغْفَارُ سَبَبٌ لِلرِّزْقِ وَالنِّعْمَةِ وَأَنَّ الْمَعَاصِيَ سَبَبٌ لِلْمَصَائِبِ وَالشَّدَّةِ فَقَالَ تَعَالَى: