للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا كَمَا قَالَ: فَكَفَّارَتُهُ هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا وَكَمَا قَالَ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَإِنَّمَا قَالَ: إنَّمَا جَزَاؤُهُمْ هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا فَالْكَلَامُ فِيهِ نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ: تَقْدِيرُهُ: مَا جَزَاؤُهُمْ إلَّا أَحَدُ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} أَيْ مَا هِيَ إلَّا لِهَؤُلَاءِ. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْخِطَابِ يُثْبِتُ لِلْمَذْكُورِ مَا نَفَاهُ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمَّا نَفَى الْجَوَازَ لِغَيْرِ الْأَصْنَافِ أَثْبَتَ الْجَوَازَ لَا الْوُجُوبَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ كَمَا فَهِمَهُ مَنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ مِنْ ظَاهِرِ الْخِطَابِ وَهُنَا نَفَى أَنْ يَكُونَ مَا سِوَى أَحَدِ هَذِهِ جَزَاءً فَأَثْبَتَ أَنْ يَكُونَ جَزَاءُ الْمُحَارِبِ أَحَدَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ. وَالْمُحَارِبُونَ جُمْلَةً لَيْسُوا وَاحِدًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ. الْآيَةِ وَبَيْنَ الْآيَتَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُحَارِبِينَ ذُكِرُوا بِاسْمِ الْجَمْعِ وَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي تَوْزِيعَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ فَلَوْ قِيلَ: جَزَاءُ الْمُعْتَدِينَ إمَّا الْقَتْلُ وَإِمَّا الْقَطْعُ وَإِمَّا الْجَلْدُ وَإِمَّا الصَّلْبُ وَإِمَّا الْحَبْسُ: لَمْ يَقْتَضِ هَذَا التَّخْيِيرَ فِي كُلِّ مُعْتَدٍ بَيْنَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ بَلْ تَوْزِيعُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى أَنْوَاعِهِمْ كَذَلِكَ إذَا قِيلَ: جَزَاءُ الْمُحَارِبِينَ كَذَا أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {فَكَفَّارَتُهُ} وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ}