للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّشْبِيهِ - دَخَلَ عَلَى الرُّؤْيَةِ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ {يَرَوْنَهُ عِيَانًا} . وَمَعْلُومٌ أَنَّا نَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عِيَانًا مُوَاجَهَةً فَيَجِبُ أَنْ نَرَاهُ كَذَلِكَ. وَأَمَّا رُؤْيَةُ مَا لَا نُعَايِنُ وَلَا نُوَاجِهُهُ فَهَذِهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرَةٍ فِي الْعَقْلِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ كَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. وَلِهَذَا صَارَ حُذَّاقُهُمْ إلَى إنْكَارِ الرُّؤْيَةِ وَقَالُوا: قَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الْبَاطِنِ؛ فَإِنَّهُمْ فَسَّرُوا الرُّؤْيَةَ بِزِيَادَةِ انْكِشَافٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا نُنَازِعُ فِيهِ الْمُعْتَزِلَةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لَا فِي جِهَةٍ وَقَوْلُهُ: " لَا تضامون " مَعْنَاهُ لَا تضمكم جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنَّهُ لَا فِي جِهَةٍ فَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْحَدِيثِ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ؛ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ مُنْكَرٌ عَقْلًا وَشَرْعًا وَلُغَةً. فَإِنَّ قَوْلَهُ " لَا تُضَامُونَ " يُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ. أَيْ: لَا يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا يَلْحَقُ النَّاسَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الشَّيْءِ الْحَسَنِ كَالْهِلَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْحَقُهُمْ ضَيْمٌ فِي طَلَبِ رُؤْيَتِهِ حِينَ يُرَى؛ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَتَجَلَّى تَجَلِّيًا ظَاهِرًا فَيَرَوْنَهُ كَمَا تُرَى الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِلَا ضَيْمٍ يَلْحَقُكُمْ فِي رُؤْيَتِهِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ. وَقِيلَ " لَا تضامون " بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: لَا يَنْضَمُّ بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ