للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ ابْنُ فورك فِيمَا صَنَّفَ فِي أُصُولِ الدِّينِ: فَإِنْ سَأَلَتْ الْجَهْمِيَّة عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْقَدِيمَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قِيلَ لَهُمْ: قَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ تَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْآفَاتُ وَالْحَيُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مأووفا بِآفَاتِ تَمْنَعُهُ مِنْ إدْرَاكِ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصِرَاتِ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا. وَإِنْ سَأَلْت فَقُلْت: " أَيْنَ هُوَ؟ " فَجَوَابُنَا " إنَّهُ فِي السَّمَاءِ " كَمَا أَخْبَرَ فِي التَّنْزِيلِ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَائِلٍ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وَإِشَارَةُ الْمُسْلِمِينَ بِأَيْدِيهِمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي رَفْعِهَا إلَيْهِ. وَأَنَّك لَوْ سَأَلْت صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ فَقُلْت: " أَيْنَ اللَّهُ؟ " لَقَالُوا: " إنَّهُ فِي السَّمَاءِ " وَلَمْ يُنْكِرُوا لَفْظَ السُّؤَالِ بـ " أَيْنَ ". {لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي عُرِضَتْ لِلْعِتْقِ فَقَالَ أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ مُشِيرَةً بِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ} وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا مُنْكَرًا لَمْ يَحْكُمْ بِإِيمَانِهَا وَلَأَنْكَرَهُ عَلَيْهَا. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ لِأَنَّ " فِي " بِمَعْنَى فَوْقُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} أَيْ فَوْقَهَا. قَالَ: وَإِنْ سَأَلْت " كَيْفَ هُوَ؟ " قُلْنَا لَهُ: " كَيْفَ " سُؤَالٌ عَنْ صِفَتِهِ. وَهُوَ ذُو الصِّفَاتِ الْعُلَى هُوَ الْعَالِمُ الَّذِي لَهُ الْعِلْمُ وَالْقَادِرُ