للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَرْشِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَزَلْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ. فَكَذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ يُنَاسِبُهُ. فَإِنْ قِيلَ " الِاسْتِوَاءُ مِنْهُ فِعْلٌ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ لَمْ يَزَلْ " قَالَ قِيل: وَالْخَلْقُ مِنْهُ فِعْلٌ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْخَلْقُ لَمْ يَزَلْ. فَهَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ إلَّا بِبَيَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَيَقُولُونَ بِقِدَمِ صِفَةِ التَّكْوِينِ وَالْخَلْقِ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ خَالِقًا. فَأَلْزَمَهُمْ: " أَنَّا نَقُولُ فِي الْخَلْقِ مَا نَقُولُهُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي الِاسْتِوَاءِ ". وَهَذَا جَوَابٌ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ عِنْدَهُ أَنَّهُ اسْتَوَى بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا قَدْ بَحَثَهُ مَعَ السُّلْطَانِ بَلْ هُوَ الْآنَ كَمَا كَانَ. فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ. الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَهَذَا يَقْتَضِي إمْكَانَ وُجُودِ الْمَقْدُورِ فِي الْأَزَلِ. فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْدُورُ مُمْتَنِعًا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قُدْرَةٌ فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا مَعَ امْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْدُورُ لَمْ يَزَلْ مُمْكِنًا؟ بَلْ الْمَقْدُورُ عِنْدَهُ كَانَ مُمْتَنِعًا ثُمَّ صَارَ مُمْكِنًا بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ اقْتَضَى ذَلِكَ.