للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّلْطَانِ. وَمَنْ لَمْ يَعْدِلْ فِي خُصُومِهِ وَمُنَازَعِيهِ وَيَعْذُرْهُمْ بِالْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ بَلْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً وَعَادَى مَنْ خَالَفَهُ فِيهَا أَوْ كَفَّرَهُ فَإِنَّهُ هُوَ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ؛ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فَلَا يَبْتَدِعُونَ. وَمَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ خَطَأً يَعْذُرُهُ فِيهِ الرَّسُولُ عَذَرُوهُ. وَأَهْلُ الْبِدَعِ مِثْلُ الْخَوَارِجِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ. وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ مِنْهُمْ يَرُدُّ بِدْعَةَ الْآخَرِينَ وَلَكِنْ هُوَ أَيْضًا مُبْتَدِعٌ فَيَرُدُّ بِدْعَةً بِبِدْعَةِ وَبَاطِلًا بِبَاطِلِ. وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ مِنْ مُنَاظَرَاتِهِمْ لَهُ عِنْدَ الْوَزِيرِ مَجْلِسًا بَعْدَ مَجْلِسٍ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ. فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ والكَرَّامِيَة يَقُولُونَ حَقًّا وَبَاطِلًا وَسُنَّةً وَبِدْعَةً كَمَا أَنَّهُ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ يَقُولُ حَقًّا وَبَاطِلًا مُوَافَقَةً لِأَبِي الْحَسَنِ. وَأَبُو الْحَسَنِ سَلَكَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَالْقَدَرِ مَسْلَكَ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَان - مَسْلَكَ الْمُجْبِرَةِ وَمَسْلَكَ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ. فَهَؤُلَاءِ قَدَرِيَّةٌ مُجْبِرَةٌ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَدَرِيَّةٌ نَافِيَةٌ. فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ غَايَةُ التَّضَادِّ فِي مَسَائِلِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيرِ وَنَحْوِهَا. وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْكَلَامَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ وَيَكْرَهُ الْكَلَامَ بِجَهْلِ وَظُلْمٍ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ