و " يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ التَّائِبِينَ " وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِذَا أُرِيدَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ فَهُوَ حَقٌّ. وَإِنْ قَالُوا: " الْحِكْمَةَ إمَّا أَنْ تُرَادَ لِنَفْسِهَا أَوْ لِحِكْمَةِ " قِيلَ: الْمُرَادَاتُ نَوْعَانِ مَا يُرَادُ لِنَفْسِهِ وَمَا يُرَادُ لِغَيْرِهِ. وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ غَايَةً وَحِكْمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى مَخْلُوقٍ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لِحِكْمَةِ أُخْرَى. فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى حِكْمَةٍ يُرِيدُهَا الْفَاعِلُ لِذَاتِهَا. وَالْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ كَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ تُثْبِتُ حِكْمَةً لَا تَعُودُ إلَى ذَاتِهِ. وَأَمَّا السَّلَفُ فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ حِكْمَةً تَعُودُ إلَيْهِ كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ قَوْله تَعَالَى {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} . وَالتَّسْوِيَةُ: جَعْلُ الشَّيْئَيْنِ سَوَاءً كَمَا قَالَ: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} وقَوْله تَعَالَى {تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} و {سَوَاءٌ} وَسَطٌ لِأَنَّهُ مُعْتَدِلٌ بَيْنَ الْجَوَانِبِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ مِنْ الْعَدْلِ. فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَإِذَا فُضِّلَ أَحَدُهُمَا فَسَدَ الْمَصْنُوعُ كَمَا فِي مَصْنُوعَاتِ الْعِبَادِ إذَا بَنَوْا بُنْيَانًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحِيطَانِ إذْ لَوْ رُفِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute