للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنْفَعُهُ الذِّكْرَى كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فَذَكِّرْ إنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} وَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} وَقَالَ: {وَيَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ} {وَمَا هُوَ إلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} وَقَالَ: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} . وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَأَمْثَالِهِ لَكِنْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ. وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ يُنْكِرُ عَلَى الْفَرَّاءِ وَأَمْثَالِهِ مَا يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: كُنْت أَحْسَبُ الْفَرَّاءَ رَجُلًا صَالِحًا حَتَّى رَأَيْت كِتَابَهُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالُوهُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِآيَاتِ أُخَرٍ. وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ أَمْرِ الرَّسُولِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ مُبَلِّغًا وَمُذَكِّرًا لِجَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. لَكِنْ لَيْسَ هُوَ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ. بَلْ مَعْنَى هَذِهِ يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} وَقَوْلَهُ: {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} وَقَوْلَهُ: {إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} وَقَوْلَهُ {إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} فَالْقُرْآنُ جَاءَ بِالْعَامِّ وَالْخَاصِّ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} وَنَحْوِ ذَلِكَ.