للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} لَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْكَافِرِ يُبَلِّغُ الْقُرْآنَ لِوُجُوهِ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ لَكِنْ قَالَ: {فَذَكِّرْ} وَهَذَا مُطْلَقٌ بِتَذْكِيرِ كُلِّ أَحَدٍ. وَقَوْلُهُ: {إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} لَمْ يَقُلْ " إنْ نَفَعَتْ كُلَّ أَحَدٍ ". بَلْ أَطْلَقَ النَّفْعَ. فَقَدْ أَمَرَ بِالتَّذْكِيرِ إنْ كَانَ يَنْفَعُ. وَالتَّذْكِيرُ الْمُطْلَقُ الْعَامُّ يَنْفَعُ. فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَذَكَّرُ فَيَنْتَفِعُ بِهِ وَالْآخَرُ تَقُومُ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَيَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ عِبْرَةً لِغَيْرِهِ فَيَحْصُلُ بِتَذْكِيرِهِ نَفْعٌ أَيْضًا. وَلِأَنَّهُ بِتَذْكِيرِهِ تَقُومُ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَتَجُوزُ عُقُوبَتُهُ بَعْدَ هَذَا بِالْجِهَادِ وَغَيْرِهِ فَتَحْصُلُ بِالذِّكْرَى مَنْفَعَةٌ. فَكُلُّ تَذْكِيرٍ ذَكَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُشْرِكِينَ حَصَلَ بِهِ نَفْعٌ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَبِلُوهُ وَاعْتَبَرُوا بِهِ وَجَاهَدُوا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ. فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا كُلُّ تَذْكِيرٍ قَدْ حَصَلَ بِهِ نَفْعٌ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي التَّقْيِيدِ؟