كَانَ يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ " وَهُوَ كُلُّهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ. فَهُوَ أَمْرٌ بِالنَّصِيحَةِ التَّامَّةِ الْمَقْبُولَةِ إنْ كَانَ يَقْبَلُهَا وَأَمْرٌ بِأَصْلِ النُّصْحِ وَإِنْ رَدَّهُ وَذَمَّ لَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أَمَرَ بِتَذْكِيرِ كُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ انْتَفَعَ كَانَ تَذَكُّرُهُ تَامًّا نَافِعًا. وَإِلَّا حَصَلَ أَصْلُ التَّذْكِيرِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى ذَمِّهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ التَّوْبِيخَ. مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا قَالَ: {إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} وَلَمْ يَقُلْ " ذَكِّرْ مَنْ تَنْفَعُهُ الذِّكْرَى فَقَطْ ". كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} فَهُنَاكَ الْأَمْرُ بِالتَّذْكِيرِ خَاصٌّ. وَقَدْ جَاءَ عَامًّا وَخَاصًّا كَخِطَابِ الْقُرْآنِ بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} وَهُوَ عَامٌّ وب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خَاصٌّ لِمَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ. فَهُنَاكَ قَالَ: {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} وَهُنَا قَالَ: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} . وَلَمْ يَقُلْ " سَيَنْتَفِعُ مَنْ يَخْشَى ". فَإِنَّ النَّفْعَ الْحَاصِلَ بِالتَّذْكِيرِ أَعَمُّ مِنْ تَذَكُّرِ مَنْ يَخْشَى. فَإِنَّهُ إذَا ذَكَّرَ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَالْأَشْقَى الَّذِي تَجَنَّبَهَا حَصَلَ بِتَذْكِيرِهِ قِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقُهُ لِعَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute