للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقُرْآنِ بَلْ بِهِ صَارُوا مُتَّقِينَ. وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: مَا يَسْمَعُ هَذَا إلَّا سَعِيدٌ وَإِلَّا مُفْلِحٌ وَإِلَّا مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَمَا يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ وَالنِّعَمُ تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَسَمَاعِ الْقُرْآنِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وَقَدْ قَالَ فِي نَظِيرِهِ {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} وَإِنَّمَا يَشْقَى بِتَجَنُّبِهَا. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: إنَّمَا يُحَذِّرُ مَنْ يَقْبَلُ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالْعِلْمِ مَنْ عَمِلَ بِهِ. فَمَنْ اسْتَمَعَ الْقُرْآنَ فَآمَنَ بِهِ وَعَمِلَ بِهِ صَارَ مِنْ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ هُوَ هُدًى لَهُمْ. وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُتَّقِينَ؛ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ اهْتَدَى بِهِ. بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا سَمِعُوهُ صَارَ هُدًى وَشِفَاءٌ؛ بَلْ إذَا سَمِعَهُ الْكَافِرُ فَآمَنَ بِهِ صَارَ فِي حَقِّهِ هُدًى وَشِفَاءٌ وَكَانَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ بَعْدَ سَمَاعِهِ.