للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلُّ فَاسِقٍ خَالِدٌ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا؛ وَقَالَتْ الْخَوَارِجُ: هُوَ كَافِرٌ. وَغَالِيَةُ الْمُرْجِئَةِ أَنْكَرَتْ عِقَابَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَمَنْ صَرَّحَ بِالْكُفْرِ أَنْكَرَ الْوَعِيدَ فِي الْآخِرَةِ رَأْسًا كَمَا يَفْعَلُهُ طَوَائِفُ مِنْ الِاتِّحَادِيَّةِ والمتفلسفة وَالْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ. وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْجَبْرِيَّةُ الْمُرْجِئَةُ أَكْفَرُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ الوعيدية الْقَدَرِيَّةِ. وَأَمَّا مُقْتَصِدَةُ الْمُرْجِئَةِ الْجَبْرِيَّةِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ فَهَؤُلَاءِ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لُعِنَتْ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا أَنَا آخِرُهُمْ} . لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ أَصْلَحُ مِنْ الْجَبْرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَنَحْوِهِمْ فِي الشَّرِيعَةِ عِلْمَهَا وَعَمَلَهَا. فَكَلَامُهُمْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفِي اتِّبَاعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ خَيْرٌ مِنْ كَلَامِ الْمُرْجِئَةِ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ قَاصِرٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ هُمْ مُقَصِّرُونَ فِي تَعْظِيمِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي. وَلَكِنْ هُمْ فِي أُصُولِ الدِّينِ أَصْلَحُ مِنْ أُولَئِكَ فَإِنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ بِمَا لَا يُؤْمِنُ بِهِ أُولَئِكَ. وَهَذَا الصِّنْفُ أَعْلَى.