للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكْفُرُوا حِينَئِذٍ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إمَّا قَوْلًا وَإِمَّا حَالًا وَعَمَلًا. وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ اللَّوْمِ وَالْعِقَابِ عَنْهُمْ وَلَا يَزِيدُهُمْ ذَلِكَ إلَّا ذَمًّا وَعِقَابًا كَالْمُسْتَجِيرِ مِنْ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ. فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يُطَرَّدُ الْعَمَلُ بِهِ لِأَحَدِ إذْ لَا غِنَى لِبَنِي آدَمَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ إرَادَةِ شَيْءٍ وَالْأَمْرِ بِهِ وَبُغْضِ شَيْءٍ وَالنَّهْيِ عَنْهُ. فَمَنْ طَلَبَ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمَرْضِيِّ وَالْمَسْخُوطِ وَالْعَدْلِ وَالظُّلْمِ وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالضَّلَالِ وَالْهُدَى وَالرُّشْدِ وَالْغَيِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ أَبَدًا. بَلْ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ وَيُؤْذِيهِ فَرَّ إلَى دَفْعِ ذَلِكَ وَعُقُوبَةُ فَاعِلِهِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتَدِيَ فِي ذَلِكَ. فَهُمْ مِنْ أَظْلَمِ الْخَلْقِ فِي تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْقَبِيحِ مِنْ الظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ وَمِمَّنْ يَهْوُونَهُ وَمَنْ لَا يَهْوُونَهُ وَاحْتِجَاجُهُمْ بِالْقَدَرِ لِأَنْفُسِهِمْ دُونَ خُصُومِهِمْ. وَتَجِدُ أَحَدَهُمْ عِنْدَ فِعْلِ مَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ حَالُ أَهْلِ الْقَدَرِ فَيَجْعَلُ نَفْسَهُ هُوَ الْمُحْدِثُ لِذَلِكَ دُونَ اللَّهِ وَيَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ