للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} {قُمْ فَأَنْذِرْ} {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} } . فَهَذَا الْحَدِيثُ يُوَافِقُ الْمُتَقَدِّمَ وَإِنَّ " الْمُدَّثِّرَ " نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ هَبَطَ مِنْ الْجَبَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَبَعْدَ أَنْ نَادَاهُ الْمَلَكُ حِينَئِذٍ. وَقَدْ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ هَذَا الْمَلَكَ هُوَ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءِ وَقَدْ بَيَّنَتْ عَائِشَةُ أَنَّ {اقْرَأْ} نَزَلَتْ حِينَئِذٍ فِي غَارِ حِرَاءٍ. لَكِنْ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّ {اقْرَأْ} نَزَلَتْ حِينَئِذٍ بَلْ عَلِمَ أَنَّهُ رَأَى الْمَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ يَرَاهُ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ. لَكِنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ زِيَادَةَ عَلِمَ وَهُوَ أَمْرُهُ بِقِرَاءَةِ {اقْرَأْ} . وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمَّى هَذَا " فَتْرَةَ الْوَحْيِ " وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " فَتْرَةُ الْوَحْيِ ". فَقَدْ يَكُونُ الزُّهْرِيُّ رَوَى حَدِيثَ جَابِرٍ بِالْمَعْنَى وَسَمَّى مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ " فَتْرَةَ الْوَحْيِ " كَمَا بَيَّنَتْهُ عَائِشَةُ؛ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ جَابِرٌ سَمَّاهُ " فَتْرَةَ الْوَحْيِ " فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ؟ . وَبِكُلِّ حَالٍ فَالزُّهْرِيُّ عِنْدَهُ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ؛ وَحَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ؛ وَهُوَ أَوْسَعُ عِلْمًا وَأَحْفَظُ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَوْ اخْتَلَفَا. لَكِنْ يَحْيَى ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ الْأُولَى فَأَخْبَرَ جَابِرٌ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ مَا نَزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَائِشَةُ أَثْبَتَتْ وَبَيَّنَتْ.