للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} وَكَمَا قَالَ مُوسَى {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيمَ الْخَاصَّ يَسْتَلْزِمُ الْهُدَى الْعَامَّ وَلَا يَنْعَكِسُ. وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ النُّبُوَّةَ نَوْعٌ مِنْ التَّعْلِيمِ. وَلَيْسَ جَعْلُ الْإِنْسَانِ نَبِيًّا بِأَعْظَمَ مِنْ جَعْلِهِ الْعَلَقَةَ إنْسَانًا حَيًّا عَالِمًا نَاطِقًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا قَدْ عَلِمَ أَنْوَاعَ الْمَعَارِفِ؛ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ إعَادَتِهِ. وَالْقَادِرُ عَلَى الْمَبْدَأِ كَيْفَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُعَادِ؟ وَالْقَادِرُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيمِ كَيْفَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَاكَ التَّعْلِيمِ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَلَا يُحِيطُ أَحَدٌ مِنْ عِلْمِهِ إلَّا بِمَا شَاءَ؟ وَقَالَ سُبْحَانَهُ أَوَّلًا {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} فَأَطْلَقَ التَّعْلِيمَ وَالْمُعَلِّمَ فَلَمْ يَخُصَّ نَوْعًا مِنْ الْمُعَلِّمِينَ. فَيَتَنَاوَلُ تَعْلِيمَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ كَمَا تَنَاوَلَ الْخَلْقَ لَهُمْ كُلَّهُمْ. وَذَكَرَ التَّعْلِيمَ بِالْقَلَمِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَعْلِيمَ الْخَطِّ وَالْخَطُّ يُطَابِقُ اللَّفْظَ وَهُوَ الْبَيَانُ وَالْكَلَامُ. ثُمَّ اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ الَّتِي فِي الْقَلْبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ عِلْمٍ فِي الْقُلُوبِ. وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ حَقِيقَةٌ فِي نَفْسِهِ ثَابِتَةٌ فِي الْخَارِجِ عَنْ الذِّهْنِ ثُمَّ