نَحْنُ الْخَالِقُونَ} فَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ مَخْلُوقٌ بِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْجَوَاهِرِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنْ اجْتِمَاعٍ وَافْتِرَاقٍ فَلَمْ تَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهِيَ حَادِثَةٌ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ مُقْتَضِيَةٌ مِنْ كَوْنِ الْأَجْسَامِ كُلِّهَا كَذَلِكَ. وَتِلْكَ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَمَا ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا. وَذَكَرَهَا أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي وَصَاحِبُ " التَّتِمَّةِ " وَغَيْرُهُمَا. وَذَكَرَهَا أَبُو الْوَلِيدِ الباجي وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيّ وَغَيْرُهُمَا. وَذَكَرَهَا أَبُو مَنْصُورٍ الماتريدي وَالصَّابُونِيّ. وَغَيْرُهُمَا. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اسْتَدَلُّوا بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ فَرَضُوا ذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ ظَنًّا أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ. وَطَوَّلُوا فِي ذَلِكَ وَدَقَّقُوا حَتَّى اسْتَدَلُّوا عَلَى كَوْنِ عَيْنِ الْإِنْسَانِ وَجَوَاهِرِهِ مَخْلُوقَةً لِظَنِّهِمْ أَنَّ الْمَعْلُومَ بِالْحِسِّ وَبَدِيهَةِ الْعَقْلِ إنَّمَا هُوَ حُدُوثُ أَعْرَاضٍ لَا حُدُوثُ جَوَاهِرَ. وَزَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ السَّحَابِ وَالْمَطَرِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَالْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ فَإِنَّمَا يُحْدِثُ فِيهِ أَعْرَاضًا وَهِيَ جَمْعُ الْجَوَاهِرِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً وَتَفْرِيقُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute