للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَا الَّذِي يَجْعَلُك مُكَذِّبًا بِالْجَزَاءِ وَزَعَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ وَهَذَا أَظْهَرُ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا ذُكِرَ مُخْبِرًا عَنْهُ لَمْ يُخَاطَبْ. وَالرَّسُولُ هُوَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْخِطَابُ فِي هَذِهِ السُّوَرِ لَهُ كَقَوْلِهِ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} وَقَوْلِهِ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} وَقَوْلِهِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} . وَالْإِنْسَانُ إذَا خُوطِبَ قِيلَ لَهُ {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إلَى رَبِّكَ كَدْحًا} . وَأَيْضًا فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْإِنْسَانِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْجِنْسِ كَقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ} وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْكَافِرِ خَاصَّةً الْمُكَذِّب بِالدِّينِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ {يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} أَيْ يَجْعَلُك كَاذِبًا هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ. فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ " كَذَّبَ غَيْرَهُ أَيْ نَسَبَهُ إلَى الْكَذِبِ وَجَعَلَهُ كَاذِبًا " مَشْهُورٌ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ هَذَا. وَحَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ تَكْذِيبَ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ أَوْ التَّكْذِيبَ بِالْحَقِّ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا مُرَادُهُ.