وَالْقُرْآنُ لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ مُرَادَهُ بَيَانًا أَحْكَمَهُ لَكِنَّ الِاشْتِبَاهَ يَقَعُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْسَخْ فِي عِلْمِ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ. فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ وَغَيْرَهَا فِيهَا عَجَائِبُ لَا تَنْقَضِي. مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} ذَكَرَ فِيهِ الرَّسُولَ الْمُكَذَّبَ وَالدِّينَ الْمُكَذَّبَ بِهِ جَمِيعًا. فَإِنَّ السُّورَةَ تَضَمَّنَتْ الْأَمْرَيْنِ. تَضَمَّنَتْ الْإِقْسَامَ بِأَمَاكِنِ الرُّسُلِ الْمُبَيِّنَةِ لِعَظَمَتِهِمْ وَمَا أُتُوا بِهِ مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِلْإِيمَانِ. وَهُمْ قَدْ أَخْبَرُوا بِالْمَعَادِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَمَا يُقْسِمُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِع وَكَمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} وَقَوْلِهِ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} . فَلَمَّا تَضَمَّنَتْ هَذَا وَهَذَا ذَكَرَ نَوْعِيَّ التَّكْذِيبِ فَقَالَ {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا ذَنَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالْقُرْآنُ مُرَادُهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ جَزَاءٌ عَلَى ذُنُوبِهِ. وَلِهَذَا قَالَ {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute