للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدَةٌ وَعِلْمٌ وَاحِدٌ لَيْسَ لِلْمَعْلُومَاتِ وَالْمُرَادَاتِ صُورَةٌ عِلْمِيَّةٌ عِنْدَ هَؤُلَاءِ. فَهَؤُلَاءِ نَفَوْا كَوْنَهُ شَيْئًا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَأُولَئِكَ أَثْبَتُوا كَوْنَهُ شَيْئًا فِي الْخَارِجِ. وَتِلْكَ الصُّورَةُ الْعِلْمِيَّةُ الْإِرَادِيَّةُ حَدَثَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ. وَهِيَ حَادِثَةٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ كَمَا يُحْدِثُ الْحَوَادِثَ الْمُنْفَصِلَةَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. فَيُقَدِّرُ مَا يَفْعَلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُهُ. فَتَخْصِيصُهَا بِصِفَةِ دُونَ صِفَةٍ وَقَدَرٍ دُونَ قَدَرٍ هُوَ لِلْأُمُورِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ فِي نَفْسِهِ. فَلَا يُرِيدُ إلَّا مَا تَقْتَضِي نَفْسُهُ إرَادَتَهُ بِمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَا يُرَجِّحُ مُرَادًا عَلَى مُرَادٍ إلَّا لِذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَجِّحَ شَيْئًا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ قَادِرًا. فَإِنَّهُ كَانَ قَادِرًا قَبْلَ إرَادَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى غَيْرِهِ. فَتَخْصِيصُ هَذَا بِالْإِرَادَةِ لَا يَكُونُ بِالْقُدْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْإِرَادَةُ تُخَصِّصُ مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا مُخَصِّصٍ. بَلْ إنَّمَا يُرِيدُ الْمُرِيدُ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ دُونَ الْآخَرِ لِمَعْنَى فِي الْمُرِيدِ وَالْمُرَادِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرِيدُ إلَى ذَلِكَ أَمْيَلَ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْمُرَادِ مَا أَوْجَبَ رُجْحَانَ ذَلِكَ الْمَيْلِ.