للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ إذَا قَامَتْ بِمَحَلِّ وَاحِدٍ لَمْ يَنْفَصِلْ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بَلْ مَحَلُّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ هَذَا كَالطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ الْقَائِمَةِ بِالْأُتْرُجَّةِ الْوَاحِدَةِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا. فَإِذَا قِيلَ " هِيَ عُلُومٌ وَإِرَادَاتٌ " لَمْ يَنْفَصِلْ هَذَا عَنْ هَذَا بِفَصْلِ حِسِّيٍّ بَلْ هُوَ نَوْعٌ وَاحِدٌ قَائِمٌ بِالنَّفْسِ. وَإِذَا عَلِمَ هَذَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَقَدْ زَادَ هَذَا النَّوْعُ وَكَثُرَ وَإِنْ شِئْت قُلْت: عَظُمَ. فَلَا يَزِيدُ فِيهِ زِيَادَةَ الْكَمِّيَّةِ عَنْ زِيَادَةِ الْكَيْفِيَّةِ. بَلْ يُقَالُ " عِلْمٌ كَثِيرٌ وَعِلْمٌ عَظِيمٌ " بِأَنْ تَكُونَ الْعَظَمَةُ تَرْجِعُ إلَى قُوَّتِهِ وَشَرَفِ مَعْلُومِهِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بْنِ كَعْبٍ: {أَتَدْرِي أَيَّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَك أَعْظَمُ؟ قَالَ: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . فَقَالَ: ليهنك الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ} وَكَتَبَ سَلْمَانُ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُك وَوَلَدُك وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُك وَيَعْظُمَ حِلْمُك. وَانْضِمَامُ الْعِلْمِ إلَى الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ إلَى الْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ إلَى الْقُدْرَةِ هُوَ شَبِيهٌ بِانْضِمَامِ الْأَجْسَامِ الْمُتَّصِلَةِ كَالْمَاءِ إذَا زِيدَ فِيهِ مَاءٌ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ قَدْرُهُ. لَكِنْ هُوَ كَمٌّ مُتَّصِلٌ لَا مُنْفَصِلٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ.