للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ نَظَرًا مَخْصُوصًا وَهُوَ النَّظَرُ فِي الْأَعْرَاضِ وَأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْأَجْسَامِ فَيَمْتَنِعُ وُجُودُ الْأَجْسَامِ بِدُونِهَا. قَالُوا: وَمَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ أَوْ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ بَيِّنَةٌ بِنَفْسِهَا بَلْ ضَرُورِيَّةٌ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَحْدُودِ وَبَيْنَ الْجِنْسِ الْمُتَّصِلِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ أَوْ لِعَدَمِ خُطُورِهِ بِقَلْبِهِ. لَكِنْ وَإِنْ قِيلَ هُوَ مُمْتَنِعٌ فَلَيْسَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ بَدِيهِيًّا. وَإِنَّمَا الْعِلْمُ الْبَدِيهِيُّ أَنَّ الْحَادِثَ الَّذِي لَهُ مَبْدَأٌ مَحْدُودٌ كَالْحَادِثِ. وَالْحَوَادِثُ الْمُقَدَّرَةُ مِنْ حِينٍ مَحْدُودٌ فَتِلْكَ مَا لَا يَسْبِقُهَا فَهُوَ حَادِثٌ. وَمَا لَا يَخْلُو مِنْهَا لَمْ يَسْبِقْهَا فَهُوَ حَادِثٌ. فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْبِقْهَا كَانَ مَعَهَا أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ حَادِثٌ. وَأَمَّا إذَا قَدَّرَ حَوَادِثَ دَائِمَةً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَهَذَا إمَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مُمْكِنٌ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مُمْتَنِعٌ. لَكِنَّ الْعِلْمَ بِامْتِنَاعِهِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَلَمْ تَعَلُّمِ طَائِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ قَالُوا: إنَّ الْعِلْمَ بِامْتِنَاعِ هَذَا بَدِيهِيٌّ ضَرُورِيٌّ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ.