فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا فَوْقَهُ وَلَا دُونَهُ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى بِهِ عَلَى رَبِّهِ. وَإِلَّا فَلَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ تَحْتَ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا وَكَانَ ذَلِكَ أَعْلَى مِنْهُ. وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ كَانَ ذَلِكَ تَعْطِيلًا لَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ هَذَا. وَهَذَا هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى مَعَ أَنَّ لَفْظَ " الْعَلِيِّ " و " الْعُلُوِّ " لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا فِي هَذَا وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِذَيْنِك لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي مُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ وَلَا فِي مُجَرَّدِ الْفَضِيلَةِ. وَلَفْظُ " الْعُلُوِّ " يَتَضَمَّنُ الِاسْتِعْلَاءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ إذَا عُدِّيَ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ دَلَّ عَلَى الْعُلُوِّ كَقَوْلِهِ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّهِ عَلَى الْعَرْشِ. وَالسَّلَفُ فَسَّرُوا " الِاسْتِوَاءَ " بِمَا يَتَضَمَّنُ الِارْتِفَاعَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ {ثُمَّ اسْتَوَى} قَالَ: ارْتَفَعَ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدِهِمْ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ آدَمَ بْنِ أَبِي إيَاسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: {ثُمَّ اسْتَوَى} قَالَ: ارْتَفَعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute