يُخْبِرُ بِهَا عَنْهُ لَا مَعَانِيَ تَقُومُ بِهِ كَمَا تَقُولُ ذَلِكَ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةُ. فَهَؤُلَاءِ إذَا قَالُوا: الصِّفَاتُ تَنْقَسِمُ إلَى ذَاتِيَّةٍ وَفِعْلِيَّةٍ أَرَادُوا بِذَلِكَ مَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُ مِنْ الْكَلَامِ تَارَةً يَكُونُ خَبَرًا عَنْ ذَاتِهِ وَتَارَةً عَنْ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ صِفَاتٌ تَقُومُ بِهِ. فَمَنْ فَسَّرَ الصِّفَاتِ بِهَذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ ذَاتِيَّةً وَمَعْنَوِيَّةً وَفِعْلِيَّةً. وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُرَادُهُ بِالصِّفَاتِ مَا يَقُومُ بِهِ فَهَذَا التَّقْسِيمُ لَا يَصْلُحُ عَلَى أَصْلِهِمْ وَلَكِنْ أَخَذُوا التَّقْسِيمَ عَنْ أُولَئِكَ وَهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمْ فِي الْمُرَادِ بِالصِّفَاتِ. وَهَذَا التَّقْسِيمُ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَمَنْ وَافَقَهُ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْمَعَالِي والباجي وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَقُومُ بِهِ الْأَفْعَالُ. وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَجُمْهُورِ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ. ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " أَنَّ هَذَا إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ خَالِقٌ وَخَلْقٌ وَمَخْلُوقٌ. وَذَكَرَهُ البغوي قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَذَكَرَهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ الكلاباذي فِي كِتَابِ " التَّعَرُّفُ بِمَذَاهِبِ التَّصَوُّفِ " أَنَّهُ قَوْلُ الصُّوفِيَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ يُسَمُّونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute