للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الْإِرَادَةُ التَّامَّةُ مَعَ الْقُدْرَةِ تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمُرَادِ الْمَقْدُورِ. فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْلُقَ فَيُوجَدُ الْخَلْقُ بِإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. ثُمَّ الْخَلْقُ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلْقُ حَادِثًا بِسَبَبِ آخَرَ يَكُونُ هَذَا عَقِبَهُ. فَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ وُجُودُ الْأَثَرِ عَقِبَ الْمُؤَثِّرِ التَّامِّ وَالتَّسَلْسُلِ فِي الْآثَارِ. وَكِلَاهُمَا حَقٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَائِنًا عَنْهُ لَا يَقُومُ بِهِ مَخْلُوقٌ. بَلْ نَفْسُ الْإِرَادَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ تَقْتَضِي وُجُودَ الْخَلْقِ كَمَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْكَلَامِ. وَلَا يَفْتَقِرُ الْخَلْقُ إلَى خَلْقٍ آخَرَ بَلْ يَفْتَقِرُ إلَى مَا بِهِ يَحْصُلُ وَهُوَ الْإِرَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. وَإِذَا خَلَقَ شَيْئًا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ آخَرَ وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْخَلْقَ حَادِثٌ كالهشامية والكَرَّامِيَة قَالَ: نَحْنُ نَقُولُ بِقِيَامِ الْحَوَادِثِ. وَلَا دَلِيلَ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ. بَلْ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ يَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ ذَلِكَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.