وَسُلُوكِهِمْ أَدِلَّةً بِرَأْيِهِمْ ظَنُّوهَا عَقْلِيَّةً وَهِيَ جهلية. فَغَلِطُوا فِي الدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ فَاخْتَلَفُوا {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ وَالْأَفْعَالِ وَذُكِرَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ كَلَامِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى مَآخِذَ الْأَقْوَالِ. وَهَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. فَتَكَلَّمَ فِي " الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة " عَلَى قَوْلِهِ {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} . وَبَيَّنَ أَنْ " الْجَعْلَ " مِنْ اللَّهِ قَدْ يَكُونُ " خَلْقًا " كَقَوْلِهِ {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} وَقَدْ يَكُونُ " فِعْلًا لَيْسَ بِخَلْقِ " وَقَوْلِهِ {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلْقَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ خَلْقًا مِثْلُ تَكَلُّمِهِ بِالْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ وَتَكَلُّمِهِ لِمُوسَى وَغَيْرِهِ وَمِثْلُ النُّزُولِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَبِأَفْعَالِ أُخَرٍ تَقُومُ بِذَاتِهِ لَيْسَتْ خَلْقًا. وَبِهَذَا يُجِيبُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ للكرامية إذَا قَالُوا: " الْمُحْدَثُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إحْدَاثٍ؟ " فَيَقُولُ: " نَعَمْ وَذَلِكَ الْإِحْدَاثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute