للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْتَوِيًا عَلَى الْعَرْشِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي الْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ. وَيَقُولُ: هَذِهِ الْأَفْعَالُ لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْأَجْسَامِ بَلْ تُوصَفُ بِهَا الْأَجْسَامُ وَالْأَعْرَاضُ فَيُقَالُ " جَاءَتْ الْحُمَّى وَجَاءَ الْبَرْدُ وَجَاءَ الْحُرُّ " وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَهَذَا أَيْضًا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمَا. وَحَمَلُوا مَا رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ كالأوزاعي وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي النُّزُولِ: يَفْعَلُ اللَّه فَوْقَ الْعَرْشِ بِذَاتِهِ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَكَمَا حَكَوْهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ. وَلَكِنْ عِنْدَهُمْ هَذَا مِنْ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ البيهقي وَطَائِفَةٍ وَهُوَ أَوَّلُ قَوْلَيْ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. وَكُلُّ مَنْ قَالَ إنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ الِاخْتِيَارِيَّةُ فَإِنَّهُ يَنْفِي أَنْ يَقُومَ بِهِ فِعْلٌ شَاءَهُ سَوَاءٌ كَانَ لَازِمًا أَوْ مُتَعَدِّيًا. لَكِنْ مَنْ أَثْبَتَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِعْلًا قَدِيمًا كَمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْوِينِ وَبِهَذَا فَإِنَّهُ يَقُولُ: ذَلِكَ الْقَدِيمُ قَامَ بِهِ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ كَمَا يَقُولُونَ فِي إرَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَفْعَالٌ تَقُومُ بِذَاتِهِ بِمَشِيئَتِهِ