قَوْلِهِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} . ذَكَرَ ذَلِكَ فِي " النِّظَامِيَّةِ فِي الْأَرْكَانِ الْإِسْلَامِيَّةِ ". وَهَذِهِ طَرِيقَةُ عَامَّةِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ يَرَوْنَ التَّأْوِيلَ مُخَالِفًا لِطَرِيقَةِ السَّلَفِ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرَ لَفْظَ " التَّأْوِيلِ " وَمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَالْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} وَأَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقٌّ. فَمَنْ قَالَ: لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ فَأَرَادَ بِهِ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ الْحَقَائِقِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ التَّأْوِيلَ فَالْمُرَادُ بِهِ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ الَّذِي بَيَّنَهُ الرَّسُولُ وَالصَّحَابَةُ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لَفْظِ " التَّأْوِيلِ " عَلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ وَأَنَّهُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ دُونَ الرَّاجِحِ دَلِيلٌ يَقْتَرِنُ بِهِ. فَهَذَا اصْطِلَاحُ مُتَأَخِّرٌ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي أَنْكَرَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ تَأْوِيلَاتُ أَهْلِ الْبِدَعِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَحْمَد فِي " رَدِّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّة ": الَّذِينَ تَأَوَّلُوا الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ أَحْمَد عَلَى مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَفَسَّرَهُ كُلَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute