للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الْحَكِيمُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَكِيمًا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ حِكْمَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ. وَمَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ حَكِيمًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حَكِيمًا فَيَلْزَمُ وُجُودُ الْحَكِيمِ بِنَفْسِهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: الرَّحِيمُ إمَّا أَنْ تَكُونَ رَحْمَتُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ جَعَلَهُ رَحِيمًا. وَمَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ رَحِيمًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا وَتَكُونَ رَحْمَتُهُ مِنْ لَوَازِمِ نَفْسِهِ فَثَبَتَ وُجُودُ الرَّحِيمِ بِنَفَسِهِ الَّذِي رَحْمَتُهُ مِنْ لَوَازِمِ نَفْسِهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: الْكَرِيمُ الْمُحْسِنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ كَرَمُهُ وَإِحْسَانُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ. وَمَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ كَرِيمًا مُحْسِنًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ كِرِيمًا مُحْسِنًا وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ نَفْسِهِ.

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ رَأَى امْرَأَةً مِنْ السَّبْيِ إذَا رَأَتْ طِفْلًا أَرْضَعْته رَحْمَةً لَهُ فَقَالَ: أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا} . فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ أَرْحَمِ الْوَالِدَاتِ بِوَلَدِهَا. فَإِنَّهُ مَنْ جَعَلَهَا رَحِيمَةً أَرْحَمُ مِنْهَا. وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} وَقَوْلُنَا " اللَّهُ أَكْبَرُ "