للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ سُبْحَانَهُ قِيلَ: هَذَا بَاطِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ عَلَى صِفَةٍ أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَا بَلْ مَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُوَ أَوْلَى بِاتِّصَافِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ مِنْ مَفْعُولِهِ. وَأَمَّا صِفَاتُ النَّقْصِ فَلَا يَلْزَمُ إذَا جَعَلَ الْجَاعِلُ غَيْرَهُ نَاقِصًا أَنْ يَكُونَ هُوَ نَاقِصًا. فَالْقَادِرُ يَقْدِرُ أَنْ يَعْجِزَ غَيْرَهُ وَلَا يَكُونُ عَاجِزًا. وَالْحَيُّ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ وَيُمِيتَهُ وَلَا يَكُونُ مَيِّتًا. وَالْعَالِمُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجْهِلَ غَيْرَهُ وَلَا يَكُونُ جَاهِلًا. وَالسَّمِيعُ وَالْبَصِيرُ وَالنَّاطِقُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْمِيَ غَيْرَهُ وَيُصِمَّهُ وَيُخْرِسَهُ وَلَا يَكُونُ هُوَ كَذَلِكَ. فَلَا يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنَّ مَنْ جَعَلَ غَيْرَهُ ظَالِمًا وَكَاذِبًا أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا وَظَالِمًا لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ نَقْصٍ. فَإِنْ قِيلَ: الْكَاذِبُ وَالظَّالِمُ قَدْ يُلْزِمُ غَيْرَهُ بِالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ أَحْيَانًا قِيلَ: هُوَ لَمْ يَجْعَلْهُ صَادِقًا وَعَالِمًا وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. وَلَمْ نَقُلْ: كُلُّ مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِشَيْءِ كَانَ مُتَّصِفًا بِمَا أَمَرَ بِهِ غَيْرَهُ. الثَّانِي: أَنَّ الظُّلْمَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ إضَافِيٌّ فَمَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا