للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ خَبَرِ الرَّسُولِ. فَإِنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ فَهُوَ حَقٌّ. وَكُلُّ مَا أَثْبَتَ لِلرَّبِّ فَهُوَ لَازِمُ الثُّبُوتِ وَمَا انْتَفَى عَنْهُ فَهُوَ لَازِمُ الِانْتِفَاءِ فَإِذَا قَدَّرَ عَدَمَ اللَّازِمِ لَزِمَ عَدَمُ الْمَلْزُومِ. لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَازِمُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ. وَلَازِمُ الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا بَلْ أَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ أَقْوَالًا وَلَا يَلْتَزِمُونَ لَوَازِمَهَا. فَلَا يَلْزَمُ إذَا قَالَ الْقَائِلُ مَا يَسْتَلْزِمُ التَّعْطِيلَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدًا لِلتَّعْطِيلِ. بَلْ يَكُونُ مُعْتَقِدًا لِلْإِثْبَاتِ وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ اللُّزُومُ. وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَتْ أُصُولُهُمْ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا إثْبَاتَ الصَّانِعِ بَاطِلَةً لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونُوا هُمْ غَيْرَ مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ وَإِنْ كَانَ هَذَا لَازِمًا مِنْ قَوْلِهِمْ. إذَا قَالُوا: إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَدْ ظَهَرَ فَسَادُهُ لَزِمَ أَنْ لَا يُعْرَفَ. لَكِنَّ هَذَا اللُّزُومَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا النَّفْيِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونُوا هُمْ مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ لِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالصَّانِعِ وَمَعْرِفَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَتَوْحِيدَهُ فِطْرِيٌّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ. وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ هَؤُلَاءِ مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ مُعْتَرِفِينَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْلُكُوا هَذِهِ الطَّرِيقَ النَّظَرِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً. وَهَذَا