للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَنْ أُولِي الْأَلْبَابِ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَالْمَعَادَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ. وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَوْ حَسِبَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ. وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ وُقُوعِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَقَعُ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُصَدِّقِينَ لِلرُّسُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ جِهَةِ تَصْدِيقِ الْخَبَرِ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَخَبَرُهُ صِدْقٌ. فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ مُخْبِرِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ بِحُكْمِ وَعْدِهِ وَخَبَرِهِ. فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ. فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ وَكَتَبَهُ وَقَدَّرَهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ شَاءَ ذَلِكَ وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ كُلُّ مَا شَاءَهُ. لَكِنْ هَلْ يُقَالُ: إنَّ الْمَشِيئَةَ مُوجِبَةٌ فِيهِ نِزَاعٌ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ وَجَبَ لِإِيجَابِهِ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ لِاقْتِضَاءِ حِكْمَتِهِ ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا نِزَاعٌ. وَمَا أَقْسَمَ لَيَفْعَلَنهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ. وَالْقَسَمُ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الْخَبَرِ