للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّمَانِ وَلِمَا هُوَ دَائِمٌ لَمْ يَنْقَطِعْ وَلِمَا لَمْ يَأْتِ بِمَعْنَى الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَفِعْلِ الْأَمْرِ. فَجُعِلَ الْمُضَارِعُ لِمَا هُوَ مِنْ الزَّمَانِ دَائِمًا لَمْ يَنْقَطِعْ وَقَدْ يَتَنَاوَلُ الْحَاضِرَ وَالْمُسْتَقْبَلَ. فَقَوْلُهُ {لَا أَعْبُدُ} يَتَنَاوَلُ نَفْيَ عِبَادَتِهِ لِمَعْبُودِهِمْ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ وَالزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ وَقَوْلُهُ {مَا تَعْبُدُونَ} يَتَنَاوَلُ مَا يَعْبُدُونَهُ فِي الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ كِلَاهُمَا مُضَارِعٌ. وَقَالَ فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ نَفْسِهِ {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} . فَلَمْ يَقُلْ " لَا أَعْبُدُ " بَلْ قَالَ {وَلَا أَنَا عَابِدٌ} . وَلَمْ يَقُلْ " مَا تَعْبُدُونَ " بَلْ قَالَ {مَا عَبَدْتُمْ} . فَاللَّفْظُ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِهِمْ مُغَايِرٌ لِلَّفْظِ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَالنَّفْيُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ أَعَمُّ مِنْ النَّفْيِ بِالْأُولَى. فَإِنَّهُ قَالَ {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} بِصِيغَةِ الْمَاضِي. فَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَا عَبَدُوهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ آلِهَةً شَتَّى. وَلَيْسَ مَعْبُودُهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ هُوَ الْمَعْبُودَ فِي الْوَقْتِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ لَهَا مَعْبُودٌ سِوَى مَعْبُودِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى. فَقَوْلُهُ {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} بَرَاءَةٌ مِنْ كُلِّ مَا عَبَدُوهُ فِي الْأَزْمِنَةِ