للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْضًا. وَفِي الْمَسْنَدِ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ {حُصَيْنٍ الخزاعي لَمَّا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ؟ قَالَ: سَبْعَةُ آلِهَةٍ سِتَّةٌ فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَمَنْ الَّذِي تَعُدُّ لِرَغْبَتِك وَرَهْبَتِك؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ} . قِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ كَمَا تَقُولُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: نَحْنُ نَعْبُدُ اللَّهَ. فَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ عِبَادَتَهُ مَعَ الشِّرْكِ بِهِ عِبَادَةٌ وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي هَذَا. وَأَمَّا قَوْلُ الْخَلِيلِ فَفِيهِ قَوْلَانِ. قَالَ طَائِفَةٌ: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ مَعَ آلِهَتِهِمْ. وَعَلَى هَذَا فَهَذَا لَفْظٌ مُقَيَّدٌ. فَإِنَّهُ قَالَ {مَا تَعْبُدُونَ} . فَسَمَّاهُ عِبَادَةً إذَا عَرَفَ الْمُرَادَ لَكِنْ لَيْسَتْ هِيَ الْعِبَادَةُ الَّتِي هِيَ عِنْدَ اللَّهِ عِبَادَةٌ. فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " {أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ. مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ} ". وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} . سَمَّاهُ إيمَانًا مَعَ التَّقْيِيدِ وَإِلَّا فَالْمُشْرِكُ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ قَالَ {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} . فَهَذَا مَعَ التَّقْيِيدِ. وَمَعَ الْإِطْلَاقِ فَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَالْبِشَارَةُ بِالْخَيْرِ.