وَلَكِنْ هَذَا قَدْ يَزُولُ وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُك " الْمُتَوَكِّلَ " لَسْت بِفَظِّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاقِ. وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ. وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ فَأَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. وَقَدْ قَالَ {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يُؤْمِنُونَ. ثُمَّ قَالَ {إنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} إلَى قَوْلِهِ {إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} فَهَذَا هُوَ الْإِنْذَارُ التَّامُّ وَهُوَ الْإِنْذَارُ الَّذِي يَقْبَلُهُ الْمُنْذِرُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ. وَقَوْلُهُ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} هُوَ أَصْلُ الْإِنْذَارِ كَمَا يُقَالُ فِي الْبَلِيدِ وَالْمَشْغُولِ الذِّهْنِ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ: سَوَاءٌ عَلَيْك أَعْلَمْته أَمْ لَمْ تُعْلِمْهُ لَا يَتَعَلَّمُ وَلَا يَقْبَلُ الْهُدَى وَيُقَالُ فِي الذَّكِيِّ الْفَارِغِ: إنَّمَا يَتَعَلَّمُ مِثْلُ هَذَا. ثُمَّ الْمَشْغُولُ قَدْ يَتَفَرَّغُ. وَقَدْ يَصْلُحُ ذِهْنٌ بَعْدَ فَسَادِهِ وَيَفْسُدُ بَعْدَ صَلَاحِهِ لِفَسَادِ قَلْبِهِ وَصَلَاحِهِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ تَفْسِيرِ السَّلَفِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute