للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَنَّ ابْنَ سَبْعِينَ كَانَ يُرِيدُ الذَّهَابَ إلَى الْهِنْدِ وَقَالَ: إنَّ أَرْضَ الْإِسْلَامِ لَا تَسَعُهُ؛ لِأَنَّ الْهِنْدَ مُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى النَّبَاتَ وَالْحَيَوَانَ. وَهَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الِاتِّحَادِيَّةِ وَأَعْرَفَ نَاسًا لَهُمْ اشْتِغَالٌ بِالْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ وَقَدْ تَأَلَّهُوا عَلَى طَرِيقِ هَؤُلَاءِ الِاتِّحَادِيَّةِ؛ فَإِذَا أَخَذُوا يَصِفُونَ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ بِالْكَلَامِ قَالُوا لَيْسَ بِكَذَا لَيْسَ بِكَذَا وَوَصَفُوهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ رَبَّ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُسْلِمُونَ لَكِنْ يَجْحَدُونَ صِفَاتِ الْخَالِقِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ. وَإِذَا صَارَ لِأَحَدِهِمْ ذَوْقٌ وَوَجْدٌ: تَأَلَّهَ وَسَلَكَ طَرِيقَ الِاتِّحَادِيَّةِ وَقَالَ: إنَّهُ هُوَ الْمَوْجُودَاتُ كُلُّهَا؛ فَإِذَا قِيلَ لَهُ أَيْنَ ذَلِكَ النَّفْيُ مِنْ هَذَا الْإِثْبَاتِ؟ قَالَ: ذَلِكَ وجدي وَهَذَا ذَوْقِيٌّ. فَيُقَالُ لِهَذَا الضَّالِّ: كُلُّ ذَوْقٍ وَوَجْدٍ لَا يُطَابِقُ الِاعْتِقَادَ فَأَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا بَاطِلٌ وَإِنَّمَا الْأَذْوَاقُ وَالْمَوَاجِيدُ نَتَائِجُ الْمَعَارِفِ وَالِاعْتِقَادَاتِ فَإِنَّ عِلْمَ الْقَلْبِ وَحَالَهُ مُتَلَازِمَانِ فَعَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ يَكُونُ الْوَجْدُ وَالْمَحَبَّةُ وَالْحَالُ. وَلَوْ سَلَكَ هَؤُلَاءِ طَرِيقَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - الَّذِينَ أَمَرُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَوَصَفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ - وَاتَّبَعُوا طَرِيقَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ: لَسَلَكُوا طَرِيقَ الْهُدَى وَوَجَدُوا بَرْدَ الْيَقِينِ وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ الرُّسُلَ