الخدري عَنْ {النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابُ شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ} . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنْ السَّمَاءِ أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً مِنْهَا: التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْفُرْقَانَ ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ الْمُفَصَّلَ ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ. فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ جَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ وَمَنْ قَرَأَهَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْقُرْآنَ. وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ قَابَلَهَا بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} . وَهَذِهِ حَقِيقَةٌ لَا يُدَانِيهَا غَيْرُهَا فِيهَا قُلْت: هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهَا هِيَ السَّبْعَ الْمَثَانِيَ وَجَعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ. قَالَ: وَلِأَنَّهَا تُسَمَّى " أُمَّ الْقُرْآنِ " وَأُمُّ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَمَادَّتُهُ وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ مَكَّةَ " أُمَّ الْقُرَى " لِشَرَفِهَا عَلَيْهِنَّ. وَلِأَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ سُورَةٌ مِنْ الثَّنَاءِ وَالتَّحْمِيدِ لِلرَّبِّ تَعَالَى وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَالِاسْتِعَاذَةِ وَالدُّعَاءِ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى مَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي} الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ. قَالَ: وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنَزِّلْ مِثْلَهَا فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا تَيَسَّرَ قِرَاءَتُهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا لَا يَتَيَسَّرُ غَيْرُهَا مِنْ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute