بَعْضُ النَّاسِ ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ أَحْسَنُ الْقِصَصِ بِالْكَسْرِ وَأَنَّ تِلْكَ الْقِصَّةَ قِصَّةُ يُوسُفَ وَذَكَرَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ. ثُمَّ ذَكَرُوا: لِمَ سُمِّيَتْ أَحْسَنَ الْقَصَصِ؟ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةٌ تَتَضَمَّنُ مِنْ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالنُّكَتِ مَا تَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْقِصَّةُ. وَقِيلَ: لِامْتِدَادِ الْأَوْقَاتِ بَيْنَ مُبْتَدَاهَا وَمُنْتَهَاهَا. وَقِيلَ لِحُسْنِ مُحَاوَرَةِ يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ وَصَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ وَإِغْضَائِهِ عَنْ ذِكْرِ مَا تَعَاطَوْهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَكَرَمِهِ فِي الْعَفْوِ. وَقِيلَ لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَسِيَرِ الْمُلُوكِ وَالْمَمَالِيكِ وَالتُّجَّارِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَكْرِهِنَّ وَحِيَلِهِنَّ وَفِيهَا أَيْضًا ذِكْرُ التَّوْحِيدِ وَالْفِقْهِ وَالسِّيَرِ وَتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَالسِّيَاسَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَتَدْبِيرِ الْمَعَاشِ فَصَارَتْ أَحْسَنَ الْقَصَصِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعَانِي وَالْفَوَائِدِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَقِيلَ فِيهَا ذِكْرُ الْحَبِيبِ وَالْمَحْبُوبِ. وَقِيلَ " أَحْسَنُ " بِمَعْنَى أَعْجَبَ. وَاَلَّذِينَ يَجْعَلُونَ قِصَّةَ يُوسُفَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ مِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ " الْقَصَصَ " بِالْفَتْحِ هُوَ النَّبَأُ وَالْخَبَرُ وَيَقُولُونَ هِيَ أَحْسَنُ الْأَخْبَارِ وَالْأَنْبَاءِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَظُنُّ أَنَّ الْمُرَادَ أَحْسَنُ الْقِصَصِ بِالْكَسْرِ وَهَؤُلَاءِ جُهَّالٌ بِالْعَرَبِيَّةِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
(أَحْسَنَ الْقَصَصِ) قِصَّةَ يُوسُفَ وَحْدَهَا بَلْ هِيَ مِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي أَحْسَنِ الْقَصَصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute