يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} فَوَصَفَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا وَتَرْكِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهَا لَا بِتَرْكِ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا السَّمْعُ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْمَنْطِقُ وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ وَالْقَلْبُ يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ} . وَفِي الْحَدِيثِ {كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ} . فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْكَبِيرَةِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَقَعُ فِي الْكَبِيرَةِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ وَيُؤْمَرُونَ أَنْ لَا يُصِرُّوا عَلَى صَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ. وَيُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبَرَ عَلَى الذَّنْبِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا هَمٌّ تَرَكَهُ لِلَّهِ كَتَبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةً. وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُقَدِّمَاتِ مِثْلَ حَلِّ السَّرَاوِيلِ وَالْجُلُوسِ مَجْلِسَ الْخَاتِنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَنْقُولًا نَقْلًا يُصَدَّقُ بِهِ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِثْلَ هَذِهِ الإسْرائيليَّاتِ إذَا لَمْ تُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْرَفْ صِدْقُهَا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَصْدِيقُهَا وَلَا تَكْذِيبُهَا إلَّا بِدَلِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} فَدَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ صَرَفَ عَنْهُ السُّوءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute