وَطَاعَتُهُمْ وَتَقْوَاهُمْ وَصَبْرُهُمْ بِمَا فَعَلُوهُ أَعْظَمُ مِنْ طَاعَةِ يُوسُفَ وَعِبَادَتِهِ وَتَقْوَاهُ أُولَئِكَ أُولُوا الْعَزْمِ الَّذِينَ خَصَّهُمْ اللَّهُ بِالذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} وَقَالَ تَعَالَى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} وَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ تَطْلُبُ مِنْهُمْ الْأُمَمُ الشَّفَاعَةَ وَبِهِمْ أَمَرَ خَاتَمُ الرُّسُلِ أَنْ يُقْتَدَى فِي الصَّبْرِ فَقِيلَ لَهُ: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} فَقِصَصُهُمْ أَحْسَنُ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ؛ وَلِهَذَا ثَنَّاهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ لَا سِيَّمَا قِصَّةُ مُوسَى. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: أَحْسَنُ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ حَدِيثُ تَكْلِيمِ اللَّهِ لِمُوسَى.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ: {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} قَدْ قِيلَ إنَّهُ مَصْدَرٌ وَقِيلَ إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَالْقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ. لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْقَصَصَ مَفْعُولٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَصْدَرًا فَقَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَقْصُوصِ كَمَا فِي لَفْظِ الْخَبَرِ وَالنَّبَأِ وَالِاسْتِعْمَالِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ قَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ قَصَصًا وَالِاسْمُ أَيْضًا الْقَصَصُ بِالْفَتْحِ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ حَتَّى صَارَ أَغْلَبَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَحْسَنَ الْقَصَصِ كَقَوْلِهِ: نُخْبِرُك أَحْسَنَ الْخَبَرِ وَنُنَبِّئُك أَحْسَنَ النَّبَأِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute