فَقَرَأَ عَلَيْهِ {الر} {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَضَرَبَهُ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ الَّذِي انتسخت كِتَابَ دَانْيَالَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبْ فَامْحُهُ بِالْحَمِيمِ وَالصُّوفِ الْأَبْيَضِ وَلَا تَقْرَأْهُ وَلَا تُقْرِئْهُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ عُمَرُ هَذِهِ الْآيَةَ لِيُبَيِّنَ لَهُ أَنَّ الْقُرْآنَ أَحْسَنُ الْقَصَصِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى غَيْرِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصَصَ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِسُورَةِ يُوسُفَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْ كِتَابِ دَانْيَالَ وَنَحْوِهِ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ. وَكَذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَأْثُورَةٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا أُتِيَ بِمَا كُتِبَ مِنْ الْكُتُبِ مَحَاهُ وَذَكَرَ فَضِيلَةَ الْقُرْآنِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قتادة {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} قَالَ: مِنْ الْكُتُبِ الْمَاضِيَةِ وَأُمُورِ اللَّهِ السَّالِفَةِ فِي الْأُمَمِ {بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحْسَنَ الْقَصَصِ يَعُمُّ هَذَا كُلَّهُ؛ بَلْ لَفْظُ " الْقَصَصِ " يَتَنَاوَلُ مَا قَصَّهُ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ غَيْرَ أَخْبَارِ الْأُمَمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute